دامت حلقة مارسيل خليفة مع زافين إلى حوالي الأربع ساعات تخللها مواقف وآراء عديدة للفنان اللبناني.
ففي ليلة حولت برنامج “بلا طول سيرة” إلى سيرة طويلة جداً، استرجعت حلقة مارسيل خليفة مع زافين أبرز محطات الفنان منذ مشاركته في برنامج للمواهب مع الإعلامي الراحل نجيب حنكش في بداية السبعينات إلى يومنا هذا.
في التالي، يقدم Lebanese Media Review أبرز ما قاله مارسيل خليفة مع زافين على قناة “المستقبل”.
1. قصة مقطوعة “رقصة العروس”

يمتزج في قصة مقطوعة “رقصة العروس” بداية فرح وبداية ألم فظيع، حسبما وصفها مارسيل خليفة.
فمن جهة، كانت هذه المقطوعة الموسيقية أولى أعماله الفنية، وأتت بطلب من عبد الحليم كركلا، عندما كان الفنان لا يزال يدرس في المعهد العالي للموسيقى (Conservatoire National Superieur De Musique).
ومن جهة أخرى، أصاب الرصاص المطلق عشية اندلاع الحرب الأهلية الراقصة الأولى في الفرقة، أميرة ماجد، في ظهرها، بعد انتهاء الحفلة التي كانت قد أقيمت في “قصر الأونيسكو”.
اختبر معلوماتك: ماذا تعرف عن الفنان مارسيل خليفة؟
وقال مارسيل خليفة: “كل مقطوعة لديها ذاكرة مرتبطة بحدث ما. على سبيل المثال، إذا أردت أن أعزف رقصة العروس، التي عزفتها في أول عمل طلبه مني عبد الحليم كركلا عندما كنت لا أزال طالباً في المعهد الوطني العالي للموسيقى وأتى إلى المعهد وتعرف إليّ وقال لي إنه يريد تجربتي بمقطع [مدته] خمس دقائق، وأعطاني الفكرة والسيناريو.
“ذهبت إلى البيت وقد أعطاني [مهلة] أسبوع [لأكمله]، وكتبته في ليلة وقابلته في Stade de Chayla وأسمعته المقطوعة وهي [إسمها] رقصة العروس. وبالطبع، بدلاً من أن أكتبها لثلاث دقائق، كتبتها لأربعين دقيقة.
“وكانت أول حفلة في 11 نيسان [1975] في [قصر] الأونيسكو. أقمنا الحفلة في 11 نيسان وكانت حفلة جميلة وتسمعت إلى موسيقتي. وفي اليوم الثاني، في 12 نيسان، أقمنا الحفلة، وكان يوم أحد.
“وفيما كانت الفرقة تخرج من المسرح، بدأ القنص بعد حادثة البوسطة [بوسطة عين الرمانة]. وأُصيبت أميرة ماجد، وهي الراقصة الأولى في الفرقة، التي كانت تحيي الأمسيتين، برصاصة في سلسلة ظهرها، وبقيت طوال حياتها مُقعدة، وهي موجودة في لندن، أوجّه لها تحية وليتها كانت تستطيع أن تكون معنا في بعلبك”
2. تأثره بالأخوين رحباني
قال مارسيل خليفة إنه تعلم من الأخوين رحباني أكثر مما تعلم في المعهد العالي للموسيقى، في إشارة إلى أهمية أعمال الرحابنة.
“انظر إلى ما فعله الأخوين رحباني وما علّمونا. أنا تعلّمت من الرحابنة أكثر ما تعلّمت من المعهد الموسيقي لأنهم كانوا هُم [يشكلون] مدرسة بحد ذاتها بالموسيقى وبالأداء وبالشعر، والعمل الذي طال كل شيء من الصباح إلى المساء. تحدثوا عن الأطفال وعن الثورة وعن فلسطين وعن الحب
“حفظت [أعمال] الرحابنة من ألفها إلى يائها، وصوت فيروز هو ذاك الصوت النادر والساطع بكل شيء”.
زياد الرحباني: أبرز ما قاله قي مقابلة مع “أغاني أغاني”
3. عن “الأغنية الملتزمة”

في موقف جديد-قديم، اعتبر خليفة أن أغنياته تندرج ضمن فئة الأغنيات الإنسانية، ولا تلتزم خطاً سياسياً معيّناً.
وأصر خليفة على أن أغنيات مثل “ريتا” و”أمي” هي للناس وليستا للأرض.
وقال: “كل ما ألفته من قصائد وأغنيات كانت قصائد إنسانية عميقة تبحث عن الحرية تبحث عن الوطن تبحث عن الفرح.
“لم أقُم بأعمال مٌخصّصة [لطرف ما]. الحرية؟ جميع الناس يطالبون بالحرية. وأن تغنّي للأم، فالأم لا تذبل، مثلها مثل الزهرة، ولكنها تبقى. تذهب وتبقى الأم. تبقى تلك الأسطورة الجميلة التي تحفظها في قلبك.
“لم يكُن لدي في أعمالي أموراً مرتبطة بأشياء محدّدة. فإذا غنيت ريتا، فهي قصيدة عاطفية كتبها محمود درويش. ليست الأرض. هي ريتا الإنسانة. أمي ليست للأرض، أمي هي أمي. هل يغني أحد للأرض؟ ماذا تغني للأرض؟ إذا لم يكن عليها بشر، لِمَ [تغني لها]؟
“جميع الأعمال التي قدمتها هي أعمال إنسانية وليست أعمال تتحدث عن موقف سياسي محدّد – اشتم هذا ولا تشتم ذاك.
“سمها ما شئت. وكان لدي أغاني حب كثيرة، أغاني تحاكي الأطفال، اغاني مرحة، وشعبية. أين تصنفها هذه [الأغنيات]؟
“إذا ]هذه الأغنيات[ ملتزمة، فهي ملتزمة بقضايا الإنسان. وأنا مع قضايا الإنسان.
“وهذا الذي في المقابل هو مثلك، يبحث عن وطن، وإذا نظرت إليه، ترى أنه هو أيضاً حالته حالة، مثل حالتك. لربما يصبح هناك قواسم مشتركة بينك وبينه كي تكونوا هذا الوطن. أنتما شركاء في هذا الوطن. تخلوا عما لديكم إياه – من اللاهوت ربما… مشاكل الأرض مختلفة عن مشاكل السماء. دعونا نحل مشاكل الأرض. ودعهم يحلون مشاكل السماء، وأتمنى أن يحلوها”.
4. عن يساريّته
لم يتعرف خليفة على الفكر اليساري في بيروت، بل حمله معه من عمشيت حيث كان المناضل الشيوعي فرج الله الحلو وغيره قد عملوا على تعريف أهل القرية عن الماركسية.
وقال: “[قناعاتي الشيوعية أتيت بها] من عمشيت [إلى بيروت]. وكانت لدي قراءات. وفي عمشيت كان هناك ناس [يسارييين].
“لا زلت على جهة اليسار دائما. لا أستطيع أن أكون، لا في الوسط، ولا في اليمين”.
استمع: ٧ حوارات غنائية من أعمال الأخوين رحباني تحاكي واقع العالم اليوم
5. رأيه بالبرامج الفنية
اعتبر خليفة أنّ برامج المواهب في العالم العربي لا تشجع على الإبداع، ويقتصر دورها على إظهار المواهب وتحويلهم إلى نجوم.
“أنا ضد كل هذه البرامج. هناك أصوات جميلة جداً، وفي اليوم الثاني يصبح [المشترك] نجماً.
“ولكن ما الذي يفعلونه؟ يغنون أغنية أغنيتين أو ثلاث أغنيات. وماذا بعد؟ تراكم، تراكم، تراكم، تراكم، تراكم بدون أن يكون هناك إبداع. أنا لست مع هذه البرامج”.
ولذلك، فهو غير مهتم بالمشاركة في أي “لجنة تحكيم” ضمن تلك البرامج.
وأضاف: :لا يحب أن يخوض تجربة في برامج المواهب الغنائية”.
6. عن ولادة فرقة “الميادين”
تحدث خليفة مطولاً عن ولادة فرقة “الميادين” التي قدمت أولى حفلاتها في 18 أيار 1978.
وكشف أنه ليس هو من أطلق على الفرقة الشهيرة إسمها، قائلاً: ” كمال كريم أطلق على المجموعة التي كانت في باريس إسم الميادين. كان [قصده] الميادين [أي] الساحات حيث تقام الحفلات.”
إنطلاقة “الميادين” بدأت من شقة أحد أصدقاء خليفة في العاصمة الفرنسية باريس.
“كنت في فرنسا. في تلك الفترة، ذهبت من عمشيت إلى فرنسا ومن ثم إلى بيروت. هناك [في فرنسا]، اجتمعت بأصدقاء، منهم بسام سابا وهو اليوم مدير المعهد العالي للموسيقى، وأخيه إيليا سابا.
“بسام كان يعزف الفلوت والكمنجة وإيليا يعزف العود، وبطرس روحانا كان [يعزف] الإيقاع ودكتور في المسرح، وفايق حميصي الممثل الكبير والصديق، وكان يعزف الرق. وكان معنا في فترة من الفترات خالد الهبر صديقنا، لكنه لم يبقَ طويلاً وعاد إلى بيروت.
“تأسّست هذه المجموعة عند شخص صديق لنا إسمه كريم قصار. كنا عنده في البيت في فرنسا. ولكن قبل أن تتأسس هذه الفرقة، أسمعته بعض المقطوعات التي كنت قد ألفتها عندما كنت موجوداً في عمشيت في الأسر الاختياري أو الاجباري، لا أعلم ما أسميه. وأسمعته بعض القصائد التي غنيتها لمحمود درويش.
“بعدما أعجب بالأعمال، جمع عددا من الأصدقاء، ومنهم جورج البطل وكريم مروة وإيتيل عدنان الشاعرة الكبيرة، ودعوا ممثلاً عن شركة “Chant du Monde” – شركة الغناء في العالم – هذه الشركة كانت تهتم بالغناء في العالم، وكانوا قد قاموا بأعمال عديدة منها للشيخ إمام
“وعندما سمع المدير الأعمال، قاموا بتسجيل عملاً لي في اليوم التالي. ودخلت إلى الستوديو وكان معنا جلال خوري وفايق حميصي في التسجيل وسجلت هذا العمل في جلسة واحدة. وكان العمل [إسمه] وعود من العاصفة”.
الأسطوانة الأولى، “وعود إلى العاصفة”، احتوت على أعمال خالدة لمحمود درويش مثل “أمي” و”ريتا” و”جواز سفر” و”وعود من العاصفة” بالإضافة إلى “جفرا” للشاعر عزالدين مناصرة.
“عندما أُطلقت هذه الأسطوانة، انتشرت. وعندما عدت إلى بيروت، عدت مختلف. [الناس] يسمعون الأغنيات، يسمعون أمي، يسمعون ريتا، وانتشرت الأغاني.
“الميادين كانت في البداية [عبارة عن] مجموعة من الموسيقيين، وكنا في البداية مجموعة ثلاث أرباعها من الهواة. بعد ذلك تطورت الميادين، هناك أناس درسوا دراسة موسيقية عالية، منهم عبد الله المصري المؤلف الموسيقي، ومنهم بسام سابا، ومنهم ميشيل خيرالله، منهم أنطوان خليفة، ومجموعة كبيرة من الموسيقيين الذين درسوا وتطوّروا…”
اختبر معلوماتك: ماذا تعرف عن أميمة الخليل؟
7. عن أحمد قعبور وزياد الرحباني
وفي آخر المقابلة، بدا خليفة متحفظاً عند إعطاء رأيه بعدد من الفنانين الأكثر شهرةً، مفضلاً أن يطلق عليهم أوصاف شخصية إيجابية، على انتقاد أعمالهم الفنية.
أما عندما سأله زافين عن أحمد قعبور وزياد الرحباني، فهكذا أجاب: “أحمد زميل وصديق وأحبه وأحب نشاطه وتجاربه كلها في الكتابة والغناء والموسيقى وبقي في مشروعه وتحية كبيرة له”.
“زياد هو من الموهوبين الكبار في وطننا. وبالطبع عملت معه كثيراً في الستوديو عندما كان داعماً أساسياً، فكان أحياناً يكون هو مهندس الصوت أو يمسك البزق ويشاركنا.
“تحية لزياد الرحباني حتى لو كان بعيداً، لم أره منذ زمن. كل واحد منا في مكان وفي طريق وفي ديار. زياد لديه مشروعه موسيقته مسرحه شعره كلماته… تحية”.
شاهد حلقة مارسيل خليفة مع زافين هنا
