خطاب سامي الجميل في الرميلة: ما قاله وما قصده


افتتح رئيس حزب “الكتائب” سامي الجميل في الرميلة مكتباً جديداً للحزب في محاولة لإعادته إلى واجهة الحياة السياسية اللبنانية.

لا يمكننا بالطبع أن نقرأ أي خطاب صادر عن قيادة “الكتاب” بدون وضعه في سياق محاولات الحزب العريق للعودة إلى أمجاده السابقة من خلال نوع من “re-branding” – أي محاولات لتحسين صورة الحزب من خلال إعادة تشكيل خطابه كي يجذب الشباب بعناوين براقة (مع العلم أن ليس كل ما يلمع ذهبا) تتناسب مع مفاهيم عالمية تخص المواطنة والعدالة والمحافظة على البيئة إلخ…

وتتم هذه المحاولات بعد تقلص حجم “الكتائب” في السنوات الماضية (أو، بعدما أصبح أشبه بـ “جمعية بيئة” حسب وصف نديم الجميل). لذلك، وقف سامي الجميل في الشمس، وأخذ “كرعة” مياه، واتكل على الله (ومن ثم على الوطن والعائلة، طبعاً).

خطاب سامي الجميل في الرميلة - Lebanese Media Review

في التالي محاولة من Lebanese Media Review لقراءة ما بين السطور في خطاب سامي الجميل في الرميلة.

1. سامي الجميل يوجّه نقداً مبطّناً لغسان عطاالله 

خطاب سامي الجميل في الرميلة - Lebanese Media Review

ما قاله: “إلى كل من يقولون لنا إنهم يخافون من النوم في الشوف، نريد أن نقول لهم إننا ننام ونستيقظ ونقضي حياتنا في الشوف ولا نخاف أو نتردّد للحظة بأن نقول كلمة الحق في أي نقطة من تراب لبنان. نحن لا نخاف من العيش المشترك ولا نخاف من مد اليد والتعاون من أجل لبنان…”

ما قصده: يشير الجميل هنا إلى التصريح السيء لوزير المهجرين غسان عطالله، وهو ناشط في التيار الوطني الحر، الذي قال فيه إن “بعض المسيحيين لا يزالون يخافون أن يناموا في الشوف”.

بالطبع، يصوّب الجميل هنا على “التيار” من جهة، ويحاول أن يظهر حزبه بصورة الأكثر إنفتاحاً والأكثر تمسّكاً بقيم المواطنة بين الأحزاب المسيحية التقليدية.

2. سامي الجميل ينتقد استخدام التيار للغة الطائفية

خطاب سامي الجميل في الرميلة - Lebanese Media Review

ما قاله: “أريد أن أتوجّه اليوم إلى كل من يستغلّون الشعارات الطائفية والمزايدات الطائفية لتبرير جميع أنواع الإرتكابات ولتبرير الفشل في إدارة البلد وتسليم قرار البلد للخارج وانتهاك سيادته وضرب دولة القانون واليأس الذي يخلقونه لدى جميع اللبنانيين والهجرة التي يسبّبون بها بين شباب لبنان.

“أنا من هنا، من الرميلة، أريد أن أقول: لا تختبئوا خلف الدفاع عن الطوائف كي تبرّروا فشلكم، فهذا الفشل يتحمّله جميع اللبنانيين اليوم.

“والذي تُنتهك حقوقه ليس المسيحي فقط أو السني أو الشيعي أو الدرزي، بل هو الإنسان الآدمي في هذا البلد الذي ينتمي إلى جميع الطوائف. والإنسان الذي ليس لديه واسطة وليس لديه ظهراً ليحميه، هذا هو الذي تُنتهك حقوقه”.

 اختبر معلوماتك: ماذا تعرف عن مارسيل خليفة؟

ما قصده: يشير الجميل هنا إلى التصريحات المنسوبة إلى جبران باسيل والتي اعتبر فيها أنّ “السنية السياسية التي أتت على جثة المارونية السياسية” ويصوّب على تحالف “التيار” مع حزب الله في خطابه الاعتيادي الذي يلوم به الأخير على “انتهاك سيادة البلد وضرب دولة القانون” فيه.

ولكن النقطة الأبرز في هذا الموقف تتمثّل باعتبار رئيس حزب “الكتائب” أن المُتضرّر الأوّل من فشل الدولة هو المواطن “الآدمي” وليس ابن الطائفة هذه أو تلك.

ويصبّ هذا الخطاب في محاولات “الكتائب” الابتعاد عن صورته التقليدية كحزب يميني يطالب بحقوق فئة طائفية من اللبنانيين (“التيّار” تفوّق عليه بهذا الخطاب الشنيع).

ويعوّض حزب “الكتائب” خطابه التقليدي بخطاب “وسطي” يحمل قيم عصرية، في مقدمتها “المواطنة” بحيث يكون مستعداً للدفاع عن جميع اللبنانيين.

3. سامي الجميل يذكّر بتاريخ “الكتائب” كحزب “مدافع عن المسيحيين”

خطاب سامي الجميل في الرميلة - Lebanese Media Review

ما قاله: “لو التعدّي اليوم على المسيحيين، لكنتم رأيتمونا أوّل مَن يقف ويدافع بإسم المسيحيين وعن المسيحيين. إنما التعدّي اليوم ليس على المسيحيين.

“التعدّي اليوم هو على المواطن، وعلى الدولة، وعلى الإنسان الآدمي، وعلى دولة القانون، على مستقبل شبابنا وأولادنا. التعدّي يقع هنا وليس في أي مكان آخر. كفى مزايدات. شرّفوا وابنوا لنا بلداً يحافظ على المسيحي والمسلم…”

ما قصده: بعدما صوّر الجميل “الكتائب” على إنه حزب يناضل من أجل المواطنة، عاد لتذكير قاعدته الجماهيرية المسيحية بأنه غير مُنقطع عن تاريخه.

وعوضاً عن المناداة بحفاظ الدولة على مواطنيها، طالب الجميل من الدولة أن تحافظ على “المسيحي والمسلم”، ليظهر بذلك ميله لثقافة “التعايش” بين شريكين – على الرغم من أنهما متساويان بالحقوق والواجبات كمواطنين – فهما “مختلفين”.

4. سامي الجميل: نحن المعارضة  

خطاب سامي الجميل في الرميلة - Lebanese Media Review

ما قاله: “هذا الركض خلف السلطة أدفعنا على مدى تاريخنا فاتورة مرتفعة جداً. حان الوقت لأن نتوقّف عن الركض خلف هذه السلطة. كفى نركض خلف هذه الكرسي.

“حان الوقت لنرى كيف نريد أن نبني بلداً ودولة ومستقبل لأولادنا. كفانا ركضاً خلف هذه الكرسي، التي من أجلها نضحّي بكل المبادئ والناس ودولة القانون”.

ما قصده: لم يرفض حزب “الكتائب” الانضمام إلى الحكومة عن عبث.

فهذه الخطوة أتت كجزء من إعادة تمركزه، آملاً بأن يصبح الرأس الحربة للمعارضة من خارج الحكومة.

لذلك، يصوّب الجميل هنا على من “يركض خلف الكرسي”، معزّزاً صورة حزبه كجزء أساسي من معارضة السلطة.

5. سامي الجميل: أنا واحد منكم

خطاب سامي الجميل في الرميلة - Lebanese Media Review

ما قاله: “رفاقي، رفيقاتي، أصدقاءنا، نعدكم بأننا نرى لبنان في عينيْ كل شاب وفتاة لبنانية. كل شاب وفتاة يتمثلان بالدول الحضارية ويحلمان بأن يصبح لبنان مثلها.

“نرى لبنان في عيون هؤلاء الشباب والفتيات. ونحن أكيدين من أنّ إذا آخذ كل واحد منهم قراراً في نفسه ألا يسير خلف أحداً ‘على العميانة’، وأن يقرأ ويسمع ويحلّل ويقرر خياره السياسي من دون أن يُملي أحد عليه ولا أحد سوف يجرّك ‘على العميانة’ ولن تمشي خلف أحداً ‘على العميانة’.

“وتريد أن تكون حراً بقرارك، ولن تتردّد للحظة بأن تنتقد وتحاسب مَن انتخبته لأنه لم يقُم بعمله كما وعدنك ولم يلتزم بخدمته ولم يعمل انطلاقاً من المبادئ والثوابت التي من المُفترض أن ينطلق منها…”

 لبنان أولاً؟ رامي عياش يركب موجة “الوطنية”

ما قصده: مثلما يحاول الجميل إعادة تموضع حزبه ضمن الحياة السياسية اللبنانية، يحاول أيضاً أن يعيد رسم صورته في الرأي العام، من حفيد مؤسّس حزب عريق وابن رئيس جمهورية سابق وأسرة تمتلك المال والسلطة، إلى مواطن لبناني شاب يشبه الشريحة التي يستهدفها بهذه الخطابات.

الحضور هم “الرفاق”، ورئيس الحزب لا ينسى طبعاً مخاطبة الرفيقات لأنه يؤمن بدور المرأة. يقول إنه يرى لبنان بعيون الشباب، لأنه يريد أن يوحي للشباب بأنه واحد منهم. يريد منهم أن يتركوا الخيارات التقليدية – أي الأحزاب المُهيْمنة على المشهد السياسي في البلد – وأن يستخدموا تفكيرهم النقدي ليلتحقوا بخيارات بديلة.

وما هو البديل؟ هو حزب ذاك الشاب المُعارض، الذي اختار أن يبقى خارج السلطة، ويحمل بخطابه قيم المواطنة والإنفتاح.

شاهد خطاب سامي الجميل في الرميلة 

تابع صفحاتنا على تويتر و فيسبوك و إنستاغرام