برنامج “رجوى ونجوى عالهوا”: ما له وما عليه


برنامج رجوى ونجوى عالهوا - Lebanese Media Review

ردود الفعل على وسائل التواصل الإجتماعي توحي بأنّ برنامج “رجوى ونجوى عالهوا” على mtv لم يلقَ استحسان المشاهدين في لبنان.

برنامج “رجوى ونجوى عالهوا” هو برنامج ترفيهي (أقلّه، هذه نيّة مبتكريْه!)، خاص بشهر رمضان، وهو من تقديم رولا قربان (رجوى) وسيرين عجمي (نجوى).

تلعب كل من قربان وعجمي دور مقدمتيْ تلفزيون “في الأربعينات من العمر”، انتقلتا من “العمل في مطبخ مطعم” إلى تقديم البرامج الترفيهية، كمكافأة لهما على “إنقاذ مالك شبكة تلفزيونية من الإختناق بمسمار سقط سهواً في صحنه”، حسبما يشير ملخّص البرنامج على موقع mtv.

نقطة الإنطلاق، إذاً، واعدة.

ولكن، العبرة في كيفية استخدام القصة الخلفية للشخصيتين وتوظيف السخرية بمكانها الصحيح.

خلطة البرنامج غريبة بعض الشيء.

من حيث الشكل، يعطي البرنامج انطباعاً (مقصوداً) بأنه مصوّر منذ عقود، بسبب “ديكور” الستوديو القديم، والأغنية المعتمدة (“قلتيلي ووعدتيني” لسامي كلارك)

وتعرّف “رجوى” عن البرنامج في مقدمة كل حلقة بوصفه “البرنامج الأول من حيث الجرأة والعمق والمواضيع الساخنة”، بتعريف يسخر من أسلوب المذيعات في تقديم البرامج قديماً.

ولكن، في المضمون، لا يُوجد أي توظيف يُذكر لقصة الشخصيتين سوى، ربما، عندما تطلب “رجوى” (قربان) من الضيف أن يسحب سؤالا من بين “مواضيع ساخنة” موضوعة داخل طنجرة.

رجوى ونجوى عالهوا - Lebanese Media Review

ولكننا لا نجد أي إستفادة من تصوير البرنامج على إنه برنامج من زمن قديم.

وقد عمل معدّا البرنامج على خلق كوميديا أغلبها مُبتذل يعتمدان في بعضها على أسئلة تتضمنها إيحاءات جنسية واضحة.

مثلاً على تلك الإيحاءات، سؤالا وجهته إحدى المقدمتين إلى النائب سامي فتفت، فقالت: “عندما نراك ضمن تشكيلة البرلمان نلاحظ الآتي: أنت الأصغر سناً والأصغر أنفاً والأقصر شعراً. هل هناك أي شيء آخر أكبر أو أصغر لم نلاحظه؟”

أو عندما سُئل وليد عبود: “برعت بممارسة الإعلام وممارسة الأخبار وممارسة الحوار السياسي. بأي ممارسة أخرى يبرع وليد عبود؟”

في حين تخصّصت “نجوى” (عجمي) بصفنات غريبة وتعابير وجه كاريكاتورية مبالغاً بها، تنفر المشاهد من البرنامج.

رجوى ونجوى عالهوا: نقطة إيجابية في بحر من الإبتذال 

في المقابل، لا بدّ من ذكر نقطة إيجابية واضحة في البرنامج: فعلى الرغم من عدم نجاحه، بناءً على ردود أفعال المعلّقين، في كسب الجمهور، إلا أنه قدّم ما غاب عن أكثر البرامج الكوميدية الساخرة في لبنان في السنوات الماضية: قصة خلفية لشخصيتين يستخدمان أسلوب معيّن في قالب واضح.

(نعم، بسبب رداءة إعداد البرامج التلفزيونية في لبنان، أصبحنا نُعجب بأي مادّة تلفزيونية “مشغول عليها” أكثر من ربع ساعة!)

هذه إيجابية للبرنامج – حتى لو البرنامج نفسه لم يستهوِ غالبية المشاهدين.

فقد عمل المعدّان على إضافة فقرة “كلنا سمع”، مثلاً، وهي، حسب وصف رجوى (قربان) “برعاية لا أحد”، مع إدخال اللعب على الكلمات وطرح أسئلة لا جدوى حقيقية منها سوى إضفاء روح مرحة على المقابلات.

https://twitter.com/justaline1/status/1127312496212238336

مشكلة برنامج “رجوى ونجوى عالهوا” هو أنّ معدّيه لم يستفيدا بالشكل المطلوب من العناصر الكوميدية التي ابتكراها، ولم ينجحا بأن يؤسّسا عليها مضموناً يجذب المشاهد (على الرغم من إستضافة شخصيات عامة ضمن قالب لم يعتد المشاهد على رؤيتهم فيه).

ربما فكّر المعدّان بأنّ “الجهمور عايز كده”: فاعطهم إيماءات غريبة، وكوميديا خفيفة بدلاً من التعمّق في السخرية أكثر، لانتقاد نمط إعلامي معيّن، ولّى عليه الزمن، ولكنه لا يزال يطغى على أكثر البرامج “الثقافية” (اقرأ “ثقافية” بالفصحى، بـ “الثاء” وليس بالسين) المبنيّة على “تفلسُف” المحاور بالأسئلة، لإظهار خلفيته الثقافية.

 إقرأ أيضاً: سمير صفير استشهد بدونالد ترامب ليدافع عن جبران باسيل 

كان بإمكان برنامج من هذا النوع، يسخر من الإعلام التقليدي وأسلوب تقديم الإعلامي “المُثقف”، أن يصيب المحاورين مدّعي العمق، بالصميم، لو ابتعد المعدّين عن الإبتذال واللحاق بما هو “دارج” في صناعة الكوميديا في لبنان.

ولكن، سرعان ما تحوّل برنامج “رجوى ونجوى عالهوا”، بسبب توظيف معدّيه لأدوات الكوميديا المُبتذلة (الإيحاءات الجنسية والمُبالغة في غير محلها)، من برنامج يسخر مما هو تقليدي إلى برنامج يُسخر منه لاستخدامه الأدوات التي باتت “تقليدية” في الإنتاجات الكوميدية اللبنانية

تابع صفحاتنا على تويتر و فيسبوك و إنستاغرام